الأربعاء، 8 ديسمبر 2021

كيف يتعلم الإنسان ؟!

 

كيف يتعلم الإنسان

تدور الكواكب في أفلاكها طبقا لقوانين سنتها الطبيعة كذلك النبات والحيوان الكائنات تخلق وتعيش وتؤدى وظيفتها تموت اطاعة نموانين الطبيعة كذلك الانسان والحيوان طبقا لنواميس الحياة فيجب على أولئك الذين يقومون بتربية الحيوان ان يقفوا على تلك النواميس حتى تكلل أعمالهم بالنجاح، فإذا استخدم في تربية الحيوان أساليب تنافى سنن الحياة تعذر عليه القيام بمهمته. والسبب الذي لأجله لا يستطيع معظمنا أن ينجح في تربية الحيوانات حتى تأتى بالألعاب البديعة المدهشة، التي كثيرا ما نشاهدها في الملاهي البهلوانية اننا نجهل نواميس الطبيعة وسننها.

فمن اللازم أن نلم بتأثير العقاب والطعام واللطف والزجر والتأنيب قبل أن تقدم تعليم الحيوان من اللازم أيضا أن نقف تأثير فصول السنة، وضوء الشمس والتربة النبات حتى يتسنى لنا بلوغ النجاح زرعها

وعلى هذا القياس بتحتم على من يتقدم مهنة التعليم أن يلا بالنواميس انتي نبوجبها يتعلم الطفل، يحتم على الزارع الالمام بالسان ينمو مدرب الحيوانات يلم بالقوانين التي بموجبها يتعلم الحيوان

فالكثير منا صرف سنى الدراسة مدارس كأن أساتذتها يجهلون السنين الطبيعية التي يسير بموجبها الاطفال دور التعليم ، والنتيجة أن فينا عيوبا ونقائص في العادات والتفكير يعمل كبار رجال التعليم اليوم على إزالتها وتجنبها.

الدماغ والجهاز العصبي

وقد رأينا أن نلخص هذه العلاقة قبل البدء في الموضوع فيما يلى:
يتكون الدماء والجهاز العصبي من خلايا عصبية ، وهذه الخلايا طويلة ليفية لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، بل يجب الاستعانة بالمجهر (الميكروسكوب ) 

واذا أخذنا مقطعا لأحد هذه الأعصاب رأينا أنه يتكون من عدد كبير . الألياف المحبوكة معا والتي تشبه حبال التليفون التي تتركب من عدد من عدد كبير من الأسلاك لرفيعة . كذلك الدماء يتكون من ملايين من هذه الألياف العصبية.

 واذا أخذنا التليفون أساسا في شرح الجهاز العصبي، جاز لنا أن نقول أن الدماء يشبه مركز أعمال التليفون « سنترال » . فالأعمال تحمل الرسائل منه واليه والدماغ يقوم بالتوصيل اللازم كما يقوم عامل التليفون بالتوصيل الذي لا بد منه ، قبل أن يخاطب احد الآخر فمتى رأيت قطعة من النقود على الأرض فانك تلتقطبا، ويحدث ذلك كما يأتى: العين تبعث برسالة الى الدماغ ، فيقوم الدماغ بالتوصيل اللازم ، وتتحرك اليد حينئذ في الحال إلى التقاط قطعة النقود.

 وللألياف العصبية ثلاث خواص:-

1- قابلية الاحساس
2- قابلية التوصيل 
3- قابلية التعبير

 و يقصد بقابلية الاحساس أن الألياف العصبية حساسة تتأثر من بعض العناصر في الوسط الذي توجد فيه، فالألياف العصبية التي تنتهى أطرافها في شبكية العين تتأثر بالأمواج التي تشعر الانسان بالضوء.

والألياف العصبية التي تنتهى أطرافها داخل الأذن تتأثر بعض الأمواج الهوائية المعروفة بأسم الأصوات ، وعلى هذا القياس تأثر الأطراف العصبية الأخرى التصلة بالحواس ، بمؤثرات معلومة

و يقصد بقابلية التوصيل أن الألياف العصبية قادرة على أيصال الرسائل من اجزاء الجهاز العصبى بعضها إلى بعض . فعندما تنبه أطراف الأعصاب في شبكية العين تبعث الألياف هذه الرسالة الى الدماغ وتشعر بالضوء.

  وتسمع الأصوات لأن الألياف التي تنتهي في الأذن تبعث بالرسائل الى الدماغ ، فحالما يرى الانسان سوراً على أهبة السقوط ، يتقبقر إلى الوراء تجنبا للضرر فيمكن أن يقال هنا تعبيراً عن هذه الفكرة ان العين تنبهت فبعثت أعصابها رسالة إلى الدماغ ، فأدرك الانسان الحـلة وأرسات رسالة أخرى للعضلات فكانت النتيجة الرجوع الى الخلف نجنبا السقوط الخام على الانسان المشار اليه.

 ويقصد بقابلية التغيير أن الألياف العصبية عرضة للتغيير والتبديل، ويتضح هذا من المثال الآتي:-

 متى دخلت غرفة مضيئة عقب خروجك من حجرة مظلمة تنكمش حدقة العين، وانكماش حدقة العين غريزة ولد بها الأنسان ، أي انه لم يتعلمها ، أي ان الانسان عند ولادته كانت اتصالات الخلايا العصبية تتأثر من تلقاء ذاتها بالضوء الشديد وتنكمش العضلات التي تختلف بها حدقة العين انكماشا وانتشاراً.

 كذلك اذا كان المولود جائعا فأن العضلات اللازمة لتحريك الفم وأعضاء الجسم الأخرى سببها اتصالات الالياف العصبية في الدماغ.

 الطفل في بادىء الامر اذا رأى ضوءاً شديداً أو لامعا حاول الوصول اليه ، وهذه المحاولة ناتجة عن اتصالات خاصة في الالياف العصبية . فأذا سببت هذه الاتصالات ألما للطفل ، وهو ما يحصل عادة ، تعلم من تلقاء ذاته أن يبتعد عن الضوء الشديد كلما رآه، بدلا من ان تحاول الوصول اليه ، وهـذا ما يقصد بقابلية الالياف العصبية إلى التغيير والتبديل.

وكل ما يتعلمه الانسان مبنى على هذه الخواص الثلاث ، ولا يتعلم الانسان ( أو الحيوان ) شيئا بنبر أحـاس ، فلا تصل الرسائل إلى الدماغ بغير قابلية التغيير المشار إليها.

اما وقد لخصنا وظيفة الدماغ والجهاز العصبى فيما يختص بموضوعنا ، فاننا نبد الآن بذكر القوانين التي بموجبها نتعلم ، وسنقتصر على ذكر أهمها:

1- قانون الإجابة المتنوعة – وهو يطبق على الانسان والحيوان ، فاننا اذا حبسنا فرخة في قفص ، ووضعنا خارج القفص بعض الحنطة ، فان الفرخة الجائعة تتأثر بوجود الخطة وتحاول بكل الوسائل ان تصل الى الحنطة لالتقاط الحب منها ، فتضع منقارها بين الاسلاك مرة وتقفز الى جانب القفص اخرى وهكذا تكرر محاولاتها . منوعة إياها . ويقال حينئذ انها تفعل ذلك اجابة للحالة الراهنة . ولما كانت هذه الإجابة متنوعة اطلق عليها هذا الاسم.

 والطفل عندما يبدأ بتعلم لغة أجنبية . يحاول نطق الكلمة الواحدة عشرات من المرات قبل أن يصل الى النطق الصحيح، مجتهداً أن ينوع كل أجابة عن سابقتها توصلا للنطق المرضي . وهكذا ينوع الطفل محاولاته الى ان يصل الى الحالة التي تفي بالغرض المقصود ، وهو يفعل ذلك لغريزة فيه.

2- قانون الأثر – طبعي في الطفل ان يكرر فعل الشيء الذي سبق فعله فنجح فيه . واذا عبرنا عن ذلك بالنظر إلى الخلايا العصبية ، أمكنا أن نقول انه عند حدوث الاتصالات العصبية التي ينتج عنها نجاح او لذة . تعود تلك الخلايا العصبية فتحدث اتصالاً شبيها بالسابق متى كان الاتصال إجابة لحالة شبيهة بالحالة الأولى.

 مثال ذلك: شاهد طفل قطعة من الحلوى فمد" اليها يده ووضعها في فمه ، فشعر بلذة، تدفعه الغريزة كلما رأى قطعة الحلوى أن يمد يده اليها و يضمها في فمه وعكس هذا المبدأ صحيح ايضا ، أي أن الطفل بقوة غريزته يتجنب كل عمل سبق وتسبب عنه ألم أو فشل.

مثال ذلك . شاهد طفل مدية حادة مصقولة ، فمد يده لحملها فجرح وتسبب له ألم . شاهد مثل هذه المدية مرة أخرى فتجنبها ومثل هذا المثال ما سبق ذكره عن الطفل والنار. واذا عبرنا أيضاً عن هذه الحالة بعبارة علمية : قلنا انه عند ما تحدث الخلايا العصبية اتصالاً في الدماغ وينتج عن هذا الاتصال ألم لصاحبه ، تتجنب الخلايا العصبية العودة الى هذا العمل وهذا القانون أساسي في الحياة العقلية ، و يستخدم في تعليم الطفل بواسطة قابلية الخلايا العصبية إلى التغيير وهو ما سبق الاشارة إليه مثال ذلك . ان الطفل يضع قطعة من الح ن الحلوى ( كما ذكرنا ) في فمه يضع كل من يته الحلوى في فمه بعد ذلك.

فاذا رأى الطفل مرة هرة فشد ذيلها تخدشه ، فتدفعه الغريزة الا يعود الى ذلك مرة أخرى ، فاذا عاد الى شد ذيل الهرة فسببت له ألما ايضا ، فمن المؤكد انه من يكرر العمل مرة أخرى.

و ينتج من هذا أن في اللذة والألم اكبر علم وعرب. ولا ينكر أحد أن هذه من البدهيات التي لا تخفى على أحد ولا تحتاج الى على النفس لاقامة الدليل عليها، و ينتج من هذا أن المعلم الذي يعاقب التلميذ بتكليفه حفظ قصيدة شعرية يرتكب خطأ جسيما ، وذلك لأن حفظ القصيدة الشعرية ينتج عنها الألم خصوصا وأن التلميذ يعلم انها جاءت انتقاماً من المعلم . مهما قيل له أن العقاب موضوع لتأديبه ولصالحه.

 ولابد أن التلميذ الذي يكلف باستظهار القصائد الشعرية عقابا له . يمقت الشعر طول حياته.

ولا يقصد من هذا بطريق العكس أن المعلم يجب أن يضع مكافأة لكل تلميذ دى واجبه على ما يرام. بل الغرض أن يجعل المعلم الحالة التي يكون عليها الطالب في سار، فمتى توفر له جو رائق سارة أمكنه أن يواصل درسه بلذة وشغف.

أما اذا كان الجو غير صاف فكلما ذكر التلميذ الدرس : ذكر الألم الذي أصابه في ذلك الحين أثناء القاعة فنفر منه وابتعد عنه.

 3- قانون التدريب - كما أكثر الطفل من فعل شيء اتباعا لحالة معلومة قوى فيه الميل لفعله في المستقبل ، وبعبارة أخرى أن تكرار الفعل يربى فيه عادة ثابتة ويقال بطريقة علمية حينئذ أن اتصالات الخلايا العصبية متى تكررت أصبحت تلات الاتصالات ثابتة مثال ذلك . اذا كتب طفل كلمة مئة مرة وأخطأ في هجائها، فانه يصعب جداً أن يكتبها بعد ذلك صحيحة. 

والطفل الذي يفكر دائما في رقم 4 كلما رأى 2 * 2 يصبح الاتصال العصبي في دماغه ثابتاً وعكس هذا القانون صحيح وهو ما يمكن أن يطلق عليه اسم قانون الترك، و يقصد بهذا انه اذا ما أهمل اتصال في الخلايا العصبية ضعف وانقلب الى « انفصال » 

مثال ذلك - تعلم تلميذ هجاء كلمة هجاءاً صحيحا مئة مرة في أوائل السنة المدرسية ثم أهمل الكلمة عدة شهور وطلب منه كتابتها في أواخر العام، النتيجة غالبا أنه يخطى في كتابتها لأن الاتصال العصبى قد ضعف نسبة لعدم احتياج التلميذ الى الكلمة المشار اليها زمنا طويلا.

فى هذا القانون مغزى الذين يعلمون الهجاء وغيرها من الأعمال الكتابية . فاذا أردت أن يتعلم التلاميذكلمة جديدة أو عبارة أو قانونا، فيجب أن تدربه على ذلك حتى يصبح الاتصال العصبى متينا، ويحسن أن يكون التكرار في فترات معلومة في أوقات مختلفة.

مثال ذلك: أن المعلم الذي يكرر أمام التلاميذ بينا من الشعر مرتين أو ثلاث ثم يعود إلى ذلك في حصة أخرى ، فإن التلميذ يذكر البيت أكثر مما لو كرره المعلم في حصة واحدة وحسب.

وكثيرا ما يهمل المعلم في إلقاء المعلومات الصحيحة على التلاميذ فيكرر الخطأ مرة فمرة فمرة، فيثبت هذا الخطأ في ذهن التلميذ ويصعب نزعه.

وقانون الأثر والتدريب أساس الطريقة التي يستخدمها المعلمون في تمرين تلاسيدهم بتكرار درس معلوم لاجادته وهو ما يطلقون عليه اسم Dell Method وحتى تنجح هذه الطريقة يجب أن يتوفر فيها شرطان:

أولا: أن يكون الاتصال العصبي صحيحا ويتأتى ذلك بأن تكون العبارة المتكررة صحيحة. 

ثانيا: أن ينتج عن هذا الاتصال الصحيح ( أي تكرار العبارة أو الدرس ) لذة التلميذ.

مثال ذلك . اذا أراد المعلم أن يثبت في ذهن الطالب مسألة وجب عليه أن يطلب منه تكرارها كتابة أو شفويا بشرط أن تكون العبارة صحيحة وبشرط أن تكون النتيجة سارة للتلميذ.

4- قانون التماثل - معنى ذلك أن الطفل اذا صادف مسألة لأول مرة فانه يحاول معالجتها بالكيفية التي عالج بها مسألة اخرى شبيهة بها في الماضي فالخادم الذي شاهد سر ولتر واني لأول مرة في حياته يشمل سيجارة هرع في الحال الى أناء من الماء وصبه على رأسه ظنا منه انه يحترق وفى هذا المثال يتضح لنا جليا قانون التماثل ، فأن الخادم ظن أن سيده يحترق ، وهو يعلم أن الشيء الذي يحترق يجب أن يصب عليه الماء فوراً ، فعمد الى الماء عملاً بهذا القانون.

كذلك الضيف الذي قدم اليه في نهاية العشاء أناء صغير على المائدة Hinger bowi لعـل اطراف أصابعه فيه فأنه لم يتردد في شربه ، وذلك لأن المعتاد أن السوائل وغيرها التي تقدم على المائدة وقت تناول الطعام تشرب . فعملا بقانون التماثل فعل ذلك وهو لا يدرى شيئا عن عادة تقديم هذا النوع من الاناء مجرد غسل الانامل كذلك الطفل الذي اعتاد أن يأكل عوداً ملونا أو مخططا من الحلوى لا يمنع عن وضع حشرة ملوية أو رقطاء في فمه ، عملا بقانون التماثل.

وفي الأمثلة السابقة يطبق قانون التماثل تطبيقا غير صحيح ، فيجب على المعلم ان يلاحظ ذلك بكل دقة ، ففي جميع مواد الدراسة يصادف المعلم هذه الصعوبة ، وهى ان التلاميذ ، والطلبة في المدارس العالية ، يستخدمون في حل المسائل طرقا غير صحيحة مدفوعين بطبيعة الحال بقانون التماثل وعلى المعلم الذي يريد الا يقع تلاميذه في هذا النوع من الخطأ ان ينوع التطبيقات على القواعد و يكثر منها حتى يثبت في ذهن التلميذ تطبيقها تطبيقاً صحيحاً.

5- الحالة العقلية -  سبق فقلنا انه كلما قامت صعوبة حاول صاحبها ان يجد طريقا لأجتياز. وان التلميذ متى صادف مسألة حاول ان يفكر في حل مرضى لها او كما يقول علماء النفس ان كل منبه أو محرك يحدث رد فعل ولكن يجب أن نعلم ان نفس المنبه لا يحدث دائما رد فعل واحـد في نفس الشخص بل يتوقف ذلك على الحالة التي يكون عليها الشخص فاذا سألت بنتا صغيرة عما اذا كانت تريد ان تلعب ام لا فان جوابها يتوقف على الحالة العقلية التي تكون عليها في اللحظة التي ألقى عليها السؤال فيها و يجب على المعلمين ان يلاحظوا جيداً الحالة العقلية التي يكون عليها التلاميذ عند الأجابة على أسئلتهم. ويعزى عدم فهم الأسئلة في الإمتحانات العمومية إلى هذه الحالة المقلية . ويحدث أحيانا أن يقيم التلاميذ جميعهم سؤالاً يعجز عن فهمه تلميـذ واحد و يتوقف فهم التلاميذ ما يلقى عليهم. على الترتيب الذي يتبعه المعلم في إلقاء الدرس.

6- قانون التحليل – ولعله أهم جميع القوانين السالفة للمعلم والتلميذ معا، فقد يتعلم التلميذ شيئاً بالقوانين السالفة أو احدها ولكنه لا يستفيد منها أحيانا أخرى ، ما لم يوجه المعلم نظره الى قانون التحليل المشار اليه، ويقصد به ان ينظر المتعلم الى شيء خاص بنسبته الى اشياء اخرى توضع بجانبه فيظهر الفرق جليا بين هذا الشيء و الاشياء الأخرى.

مثال ذلك: أراد المعلم أن يعود تلاميذه نطق حرف متحرك من حروف اللغة الانجليزية ، فاذا درب الأطفال على نطق هذا الحرف بالكيفية التي يرمى اليها ، وطلب منهم تكرار هذه الكلمة مرات عديدة ، فلا يبعد أن تكون النتيجة الفشل ، أما إذا تخير بضعة كلمات من التي ينطق فيها هذا الحرف المتحرك النطق المرغوب فيه ،خصوصاً اذا وضع بجانب هذه الكلمات كلمة أخرى من التي يختلف فيها نطق هذا الحرف المتحرك، فإن نطق الحرف المشار اليه يرسخ في ذهنه.

 كذلك مدرس الهندسة إذا أراد تفهيم تلاميذه. الذين لم يسبق لهم عهد في هذه المادة . كلمة عمودي ومهما أوضح لهم معناها لا يمكنه ايصالها إلى أذهانهم إلا ذا ذكر لهم أمثلة عملية عديدة للأشياء العمودية التي تقع تقع تحت نظره كحائط أو قلم موضوع على مائدة أو ثقل مدلى من خيط ...الخ

فمتى شاهد التلاميذ هذه الأمثلة وقابلها بمثال آخر لجسم مائل ، أمكن المعلم حينئذ أن يستخدم كلة عمودي في معناها ور نبا كان أفضل مثال للتعليم بموجب قانون التحليل هو تعليم الأطفال معنى الاعداد .

مثال ذلك . ان الطفل يتعلم الأعداد على الأصابع ، فإذا ذكرت له العدد 4 فإنه لا يفهم له معنى الا كونه اسما للأصبع الرابع أو السبابة وقد يتقدم الطفل خطوة أخرى فيستطيع أن يذكر الاعداد الى مئة غير انه لايفهم لها معنى؛ فالعدد 6 مثلا لا بفهم منه إلا كونه واقعا بين 5 و7، إذا وقف الطفل أثناء عملية العدد  فإنه لا يستطيع استئنافه عادة إلا إذا بدأ من رقم 1.

وقد يرى الطفل رقم 4 على السبورة ، فيقال له ان هذا الرقم هو 4 ، وقد يميز هو اسم هذا الرقم ولكن لا يعرف له مع ذلك معنى.

فما الطريقة إذن التي يتوصل بها الطفل إلى إدراك معنى 4 ؟

والجواب على ذلك . ان الطفل لا يتعلم معنى هذا العدد الا بموجب قانون التحليل. وهو أن يقدم للطفل، أقلام من الرصاص ويشار الى 4 نوافذ و، أطفال و، أصوات مختلفة ثم يبين له ان في كل هذه الأحوال يذكر العدد 4 ، وفى مثل هذه الأمثال يتبين للطفل انها وان اختلفت جميعها فانها تشترك في شيء واحد وهو العدد.

هذه أهم القوانين التي بموجبها يتعلم الانسان ( والحيوان ) ، فاذا ما علقت بذهن المعلم. تسنى له أن يطبقها عند تعليمه الأطفال أو القاء درسه على الطلبة المتقدمين سنا وكما سبق القول ، يلم الكثير من المعلمين بهذه القوانين بغير أن يسبق لهم درسها، ولكن معرفتها بطريقة علمية فنية تفتح لهم باب الارشاد واسعا وتدلهم على السبيل الذي يجدر بهم أن يسلكوه، وتعينهم على تجنب الزلل والسير في المسالك الوعرة التي تنافر مع هذه النواميس الطبيعية.

------------------------------------------

"مجلة التربية الحديثة" العدد 2: السنة الأولى: فبراير 1928 (ص 111-120)





0 comments

إرسال تعليق