الأحد، 8 أغسطس 2021

ما هي المواد الذكية ؟

المواد الذكية
أصبح الإقبال على المواد الذكية في العالم يتصاعد بفضل ما توفرها من فوائد عديدة

 

تتميز المادة الذكية بكونها حساسة ويمكنها أن تتطور وتتكيف حسب الإستعمال. ومن خصائصها أن عندها وظائف تستعملها كما يفعل مستشعر الإشارات أو مستشعر الحركة، وكما يفعل المحرك الذي ينجز أعمالا معينة. وتتصرف أيضا كما تتصرف معالجات الحواسب من تنفيذ العمليات ومعالجة المعلومات.

من خصائص المواد الذكية أيضا القدرة على تغيير الشكل الظاهري، والهندسي، كتغيير شكلها ولزوجتها ولونها، ويكون ذلك بتأثير الوسط الطبيعي أو الاصطناعي، ويكون أيضا إما من الخارج، أو الداخل كأن تغير من حرارتها أو تصرفها في الحقول المغناطيسية أو الكهربية ...

تتكيف المادة الذكية تبعا لمحيطها وتقوم بالتأقلم وتصحيح عمل ما يجب أن يصحح، أو تغييره إلى شكل ما يجب أن يكون عليه. وبهذه الطريقة يمكنهم تحديد نقط ضعف في الطبقة المطلية لطائرة أو تشققات وشيكة في سد أو جدار ضخم، وتمكنهم من الحد أو التقليل من الذبذبات التي تنتج عن طائرة عمودية، كما يمكن توظيف هذه المواد للحد من انتشار الجلطات الدموية الوشيكة، فهي تستعمل في كل مجال وحقل علمي أو صناعي.

- أنواع المواد الذكية:

يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع رئيسية من المواد الذكية.

- السبائك المعدنية ذات الذاكرة المرتبطة بالشكل.

-المواد المتكهربة بالضغط.

- المواد المنضغطة بتأثير الحقول المغناطيسية والكهربية.

- السبائك المعدنية ذات الذاكرة المرتبطة بالشكل: تصنع هذه المواد من سبائك من مادة النيكل والنيتينول (Nitinol) مع بعض المواد الأخرى الثانوية كالنحاس والحديد والأومنيوم. وتتميز هذه السبائك بتغير شكلها إذا تعرضت لدرجة حرارة منخفضة، حيث تتغير البنية البلورية لها فتستطيع أن تعود إلى حالتها الأصلية تدريجيا.

وتستعمل هذه السبائك منذ الستينات في مجال الأسلحة والالكترونيات والمجمعات الكهربائية وغيرها. كما تستعمل في مراقبة حدوث الجلطات في العروق الدموية.

- المواد المتكهربة بالضغط:

 يتميز هذا النوع من المواد بإصداره لتيار كهربائي عندما يتعرض للضغط، وتعود لحالتها عندما تتعرض لتيار كهربائي.

تصنع هذه المواد من المركبات المكثفة البوليمير أو المبلمر، أو من الفخار. وتستعمل عادة في الساعات الكوارتزية، كما تستعمل للتخفيف من قوة الذبذبات والضجيج. ويستعمل في مجال الطب لاكتشاف الأمواج ما فوق السمعية. كما تستعمل هذه المواد (لاقط متكهرب بالضغط) من اكتشاف شق في جدار أو نقطة ضعف في هيكل طائرة، عن طريق الانقطاع أو الانكسار في الدارة الكهربائية التي تكونها الألياف. 

الاسمنت الذكي

من خصائص هذا الإسمنت أنه ينقل التغيرات داخله - كما يفعل الجهاز العصبي-  إلى المحيط الخارجي، ويتم استعماله في البنايات الضخمة كالسدود والعمارات الكبيرة كناطحات السحاب والجسور، حيث  يستطيع المهندسون اكتشاف نقط ضعف في هذه المنشئات وترميمها قبل حدوث أية مشكلة محتملة.

 وقد استطاع فريق من الباحثين في جامعة نيويورك بوفالو بقيادة البروفسور D.Chung من وضع ما يشبه جهازا عصبيا متكون من ألياف الكربون داخل الاسمنت يتم خلطها معه عندما يتم تهيئته وهي ألياف دقيقة جدا تمثل تقريبا 0.05% من حجم الاسمنت، وهذه الألياف فعالة لأنها تزيد الإسمنت من ناقليته للكهرباء conductivity بنحو 10%. ويتم إبراز تلك الألياف إلى الخراج ليتمكن العلماء من وضع لواقط تستطيع رصد نقاط الضعف في البناء وحساب مدى المقاومة الكهربائية للأبنية من الإسمنت. وبهذه التقنية يستطيع الباحثون معرفة قرب تصدع جسر أو انهيار مبنى قبل حدوث ذلك مدة.

- المواد المنضغطة بتأثير الحقول المغناطيسية والكهربية.

 تعتبر هذه المواد مثل المواد السابقة الحساسة للحقول الكهربية. وهي تغير شكلها بتأثير الحقول المغناطيسية والكهربية، وتتأثر هذه المواد بالتأثير الخارجي بتغيير شكلها استجابة لاهتزاز أو حرارة أو ضغط أو أصوات أو محفزات ميكانيكية.

ستشهد هذه المواد في الأعوام المقبلة ثورة كبيرة في مجال الصناعة والعمران، والاستجمام، خاصة أن العلماء زاد فهمهم للبنيات البيولوجية لهذه المواد الذكية. لهذا من المرتقب أن تكون مكاتب الشركات والأبنية الضخمة ومنازل المستقبل مبنية من هذه المواد الذكية التي لها ارتباط بالأجهزة الإلكترونية واللاقطات والآلات المنزلية، حيث تستطيع هذه المواد الذكية التكيف مع المحيط في كل الظروف والأحوال، خاصة مع مزيد من فهم العلماء لهذه المواد والمزيد من التقدم وتطوير هذا النوع من المواد.

وتستطيع هذه المواد مثلا أن تقضي على الروائح الغير مرغوب فيها، وتقتل الحشرات الدقيقة والتي تسبب الربو، وتجعل المكان باردا أو ساخنا حسب الحاجة وتعم الزجاج أو تزيد من الضوء إذا اقتضى الأمر وغير ذلك من أنواع التكيفات التي تستطيع القيام بها.


إضافة إلى هذه الأنواع الثلاثة المذكورة سلفا، هناك أنواع أخرى كثيرة مثل السوائل التي تتجمد نتيجة تأثير حقل كهربائي ويحدث ذلك بسبب الاتجاه الذي تكون عليه الجزئيات التي يستقطبها الحقل والتي تكون في السائل. وبهذه الطريقة أمكن إنتاج وصناعة موائع تتجمد بفعل التيار الكهربائي، ويساعد هذا الأمر كثيرا في المجال الطبي.

إضافة لكل هذا توجد موائع مكثفة ناقلة للتيار الكهربائي أو نصف ناقلة. ومواد أخرى تتغير بتغير حرارتها. وزجاجيات تغير لونها الظاهري تبعا لتأثيرات خارجية.

ويدخل في هذا الباب المواد نصف ناقلة كالبلورات التي تدخل في صناعة شاشات الحواسيب المحمولة والساعات والهواتف وما إلى ذلك.

ومن مجالات استعمال هذه المواد، مجال مواد الـ Biopolymer حيث يكثر استعمال هذه المواد في مجال الطب والتكنولوجيا. فزرع بعض هذه المواد في الجسم - مثلا - قادر على علاج بعض الأمراض الجسدية، كما تستعمل هذه المواد في صناعة الأعضاء البديلة وأغشية وصمامات القلب. كما تستعمل في تشكل الأعضاء كأنف مثلا عن طريق الاعتماد على انقسام الخلايا الجلدية.

في قابل الأيام ستحدث هذه المواد قفزة نوعية في مجال الأنسجة البشرية، إذ بمقدور هذه المواد المعدلة والمصنعة أن تقوم بتأثير مباشر على الخلايا التي تغطيها، وتتصرف هذه المواد كما تفعل الخلايا الحية داخل الجسم. وبمقدور هذه المواد أن تساعد على ترميم أعصاب مقطوعة والمساعدة في نموها عن طريق مد جسور بين أطرافها.

بفضل قدرة العلماء على استكشاف بنى الأغشية وتأثير الحمض النووي والبروتينات والنشويات، فقد أصبح لهذه المواد أهمية كبيرة في المجال الطبي، وتجميع البنيات المعقدة.

وفي مجال النسيج، تستعمل هذه المواد الذكية لصنع أنسجة تستطيع  أن تغير لونها تبعا لحالات معينة، وهكذا صمم مصمم الأزياء Ted Lapidus العديد من الفساتين انطلاقا من الأنسجة الذكية.

كما تستعمل في تصميم ملابس رياضية قادرة على مراقبة الجسم حاولة للواقط يراقب الطبيب أو المدرب من خلالها الحالة الصحية والبدنية للاعب فيبني أحكامه عليها.

لقد استطاعت التطورات التي طرأت في هذا المجال أن تزدهر ميادين التكنولوجيات الأحيائية والتكنولوجيات المصغرة، وفتحت آفاقا واسعة أمام هذه المواد. فالبروتينات والحمض النووي والنشويات كلها تعد من المواد الذكية التي تتأقلم تبعا لمحفزات خارجية، وهي قابلة لحمل الطاقة من مكان إلى آخر، وتستطيع أن تغير شكلها وتتعرف على جزئيات أخرى. ويسعى العلماء إلى الدمج بين المواد المصنعة والأحيائية التي لها عناصر ارتباط. وسيمكن هذا الأمر من صنع رقائق يمكن زرعها في جسم الإنسان تستعد على حل عدد من الاختلالات كالسمع الاصطناعي وشبكية العين الاصطناعية وضخ الأنسولين والاختلاج القلبي ...وقد نرى مستقبلا حبوبا ذكية تستطيع معالجة أمراضا مستعصية خطيرة.

وقد تمكن كل من Langmuir وBlodgett، من إنتاج طبقات رقيقة حملت اسميهما، وتعرف اختصارا ب (LB)

وتعد اليوم أهم إنجاز في مجال الإلكترونيات الجزيئية. وتعمل العديد من المختبرات حاليا في إنتاج تركيبات دقيقة مبرمجمة تستطيع تجميع بنيات معقدة من الصغير الذي لا يرى بالعين المجردة انتهاء بالكبير الذي يستطيع الإنسان استعماله.

ويستعمل العلماء مجاهر دقيقة وعالية الدقة تتيح لهم صنع مواد مصغرة قادة على الاستجابة لمحفزات معينة.

وقد تمكن كل من Boris Robinsky و Yong Huang من صنع شرائع بحجم شعرة يمكن التحكم فيها بالحاسوب 

وتمكنت مختبرات أخرى من إنتاج شرائح عصبية عن طريق تربية الخلايا العصبية الحية على شرائح من السيلسيوم. واستطاعوا أن يجعلوا المحاور العصبية Axones تسير في طريق مرسوم مسبقا عن طريق استعمال مساحات من المواد الذكية.

يسعى الباحثون إلى في مجال المواد الذكية إلى إنتاج وصنع حواسيب بيولوجية تعمل بحمض ADN وتستعمل بروتينات حساسة للضوء. ويعد Léonard Aldeman من جامعة كاليفورنيا أحد أبرز رواد فكرة الاعلاميات باستعمال الحمض النووي، حيث أطلق هذه الفكرة عام 1994م، في مقال منشور يشرح فيه الفكرة. وقد تمكنت مختبرات عالمية من بالاعتماد على الفكرة وعلى البيولوجيا الجزيئية ووسائل أنزيمية من تحقيق فكرة Aldeman.

أصبح ما كان يعرف في 1981 باسم البيوتيك اندماجا بين الاعلاميات والبيولوجيا في المواد الذكية حقيقة أدخل الإنسان اليوم في مرحلة التعايش والتكافل مع شبكات المعلومات.

-------------------- المصادر ------------------------

- ALDEMAN (L), "Molecular computation of solution of combinatorial problems", Science 11 November 1994, 266, p. 1021-1024.

- LANGER (R.) et coll., "A controlled-relese Microchip", Nature, 28 Juanvier 1999, 397, p. 335-338.

-REED MARK (A.) et coll. "Conductance of a molecular junction", Science, vol. 278, 10 Octobre 1997, p.252-254.

- ROSNAY (J.) DE, L'Homme symbiotique, regards sur le 3e millénaire, Paris, Seuil 1995 (nouvelle édition Septembre 2000).

- ROSNAY (J.) DE, "Biologie et informatique: l'entrée dans l'ère des machines moléculaires" Biofutur, juin 1984, p. 7-9.

-RUBINSKY (B.) et HUANG (Y), "A microfabricated chip for the study of cell electroporation". Biomedical Engineering Laboratory, Department of Mechanical Engineering, University of California, Berkeley CA 94720, février 1999.






0 comments

إرسال تعليق